روائع مختارة | قطوف إيمانية | الرقائق (قوت القلوب) | رسائل الرحمة.. إلى الزوجين في رمضان

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > الرقائق (قوت القلوب) > رسائل الرحمة.. إلى الزوجين في رمضان


  رسائل الرحمة.. إلى الزوجين في رمضان
     عدد مرات المشاهدة: 3518        عدد مرات الإرسال: 0

قبل أن يهلَّ علينا شهر رمضان بساعات قليلة علمت نبأ طلاق إحدى معارفي، والتي للأسف لم تكن المرة الأولى بل كانت الطلقة الثالثة والأخيرة!!

امتزج الحزن والأسى في قلبي على هذا الخبر المؤلم بفرحتي لقدوم الشهر الكريم.. وتجمعت في ذهني تساؤلات كثيرة، لماذا حدث هذا الطلاق؟

وكيف وصل الأمر إلى البيت المسلم أن ينتهي تلك النهاية غير السعيدة، لماذا لم يستطع الزوجان الحفاظ على بيتهما الجميل وعشهما الهادئ؟ لماذا لم يصبرا على أكدار الدنيا وابتلاءات الدهر؟؟

كيف وهما من يدل مظهرهما على الالتزام والاتباع الحق لتعاليم الدين؟ ألم يتفكرا في نعمة الله عليهما أن جعل زواجهما آية تمتزج مع آيات الله في كونه ويشهد على عظمتها الوجود بأسره؟

قال تعالى (ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ، ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين) الروم (20 – 22).

هل فقدا الرحمة والرفق من قلبيهما فتناسيا أن هذا الطلاق قد وأد طفليهما البريئين، أنه دهس زهرة عمرهما العطرة قبل أن تتفتح أوراقها الغضة، إنه اغتال أحلامهما الطاهرة فبل أن تخرج إلى الحياة وهما في أمس الحاجة إلى حضنهما الدافئ ولمستهما الحانية وبيت يجدان فيه الراحة والأمان، إنهما كسرا فرحة القلوب بقدوم أيام الخير والنفحات.

واأسفاه عليهما.. بأي حال استقبلت هذه الأسرة المحطمة شهر رمضان الكريم وبأي حال سيقضون أيامه ولياليه وبأي حال سيأتي عليهم العيد؟؟ لقد أضاعوا فرحة الأيام وبراءة الأحلام ولم يجنوا سوى الأحزان والآلام.. لقد انضموا إلى بيوت تسكنها الأشباح بدلا من أن تغرد بين جنباتها بلابل الأفراح.

انهدم الحصن المنيع وفرح الشيطان بنصره على هذين الزوجين، فقد أعطياه أغلى ما ينتظر من هدايا ومتى؟؟ قبل أن يُسلسل بسويعات قلائل، نعم فقد نجح في مخططه معهما لسنوات طوال، وسوس إليهما.. تسلل إلى قلبهما.. تغلغل في وجدانهما.. حط رحاله في بيتهما.. حيث لم يجد مقاومة تذكر حتى انهار كل شيء وظفر اللعين وأتباعه بأطلال بيت هوى ليسكن فيه هو وأعوانه بعد أن غادرته ملائكة الرحمة والحب والسلام إلى الأبد..

ففي هذه اللحظات التي تستقبل فيها الأرواح فيوضات رمضان الربانية، وتهفو الأنفس إلى نسائمه الإيمانية، وتتهيأ القلوب والجوارح للنيل من خيراته الذكية، يأتي ليزيل سواد الذنوب والمعاصي الذي اتشحت به طيلة عام مضى، يأتي لينقيها من أدرانها ويطهرها من خبثها ويخليها من آثامها، ويحليها بالطهر والذكر والشكر والصبر واليسر.

حتى إذا تكالبت الهموم وتجمعت الغيوم وزادت الابتلاءات وأقبلت الاختبارات فإن النفس تكون قد امتلأت عن آخرها بخير زاد، تقوى تفرح بها وقت الحصاد، وعمل صالح ينفعها يوم المعاد.

أواسي هذه الأسرة وأدعو الله أن يرحمهم ويلطف بهم فيما جرت به المقادير وأن يهيئ لهم سبل خير ورشد تصلح من حالهم، وإلى كل زوجين أهدي هذه الرسائل الرمضانية لتكون الرحمة لكما شعارًا وعنوانًا قبل وبعد رمضان..
 
هيا.. ارفعا الشعار:
 
الرحمة بين الزوجين هي لين القلب وسخاوة النفس ورفق الجوارح، هي نظرة حانية، ولمسة شافية، وبسمة صافية، هي كلمة طيبة، ولفتة صادقة، هي بذل وعطاء، هي ود وصفاء، هي طهر ونقاء، هي الشكر في السعة والضيق والصبر على الطريق والرفيق والذكر للمحاسن والطيبات والتكيف مع حسن الطباع والعادات.

هي التماس الأعذار ونسيان الأكدار وكتمان الأسرار، هي امتنان القلوب ومغفرة للذنوب، هي معطرة للأرواح وجالبة للأفراح فما أطيب هذه الثمار وما أسمى هذا الشعار.

رمضان البداية:
 
لننسى كل ما فات من المشكلات والمنغصات، وهل في أيام رمضان ولياليه ما يكفي من الوقت كي نتكدر أو نحزن، وليكن شهر رمضان هذا العام هو البداية، ها قد واتتكما الفرصة وغشيتكما الرحمة وأدركتكما النفحات الربانية ألا فتعرضوا لها..

فقد خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له، ما بالكما لو التقيتما على الطاعة طيلة الثلاثين يوما اذكرا سويًّا اشكرا سويًّا صليا سويا، تصدقا سويا، عطرا قلبكما وبيتكما وحياتكما بالقرآن تلاوة وحفظا وتدبرا وعملا.. بالله عليكما هل يبقى للكره والغل والضيق والحسرة والندم والجفاء والهجر في الدنيا مكان ؟؟

ثورة حتى النصر:
 
فليقل كل منكما لنفسه: سأثور عليك من الآن، لن أتركك تهدمين بيتنا الجميل الذي طالما حلمنا به، لن أدعك تسرقين أحلامنا الرائعة لنا ولأولادنا، لن أمهلك حتى تعكري صفو تلك الحياة التي اختارها الله لنا كي نعمر أرضه ونقيم شرعه ونحمي دينه وننشر دعوته، فلتكن ثورة على كل ما يهدِّد أمن البيت وأمانه فلتكن ثورة حتى النصر..

حتى يعود الحب:
 
ذكريات الزواج الأولى الجميلة هل يمكن أن تعود.. أيام معطرة بالحب وليالي محملة بالقرب.. لحظات مملوءة بالود.. وأفراح ليست لها حد، هل من الممكن أن تستشعرا تلك السعادة مرة أخرى ؟؟ نعم إذا أردتما ذلك وجددتما النية والعهود وحطمتما ما بنيتما من حواجز وحدود، وأذبتما ما بينكما من الجليد، وعقدتما العزم على اللقاء في دار الخلود.. الآن يمكن للحب أن يعود..

في رمضان.. يتجدد الإيمان، تهب نفحات الرحمن، يملأ الحب الوجدان، يشع النور في الأركان، تتزين للصائمين الجنان..

فهنيئًا هنيئًا لمن ظفر بالخير في شهر الإحسان.. لمن بُشر بالرحمة والمغفرة والعتق من النيران.. لمن لقي ربه وهو عليه غير غضبان.. لمن فاز بالرضا والرضوان.. هنيئًا لكما أيها الحبيبان .

الكاتب: أ.هدى سيد

المصدر: موقع الإسلام اليوم